بل اعمل بالقرآن نحن الآن والحمد لله عددنا كثير والعلم بيننا غزيروكتاب الله يتلى أناء الليل وأطراف النهار ومعاهد القرآن والعلم الديني في مدننا وقرانا حافلة وأصبح أكثرنا يكادون يكونون حفاظا للقرآن لكننا نشكو من ضيق في الأخلاق ومن كثرة الغلاء ومن انتشار الأمراض والأوبئة بين بني الإنسان أو بين الحيوان أو حتى بين الطيور الداجنة التي يربيها بنو الإنسان ونشكو من كثرة الشقاق والخلافات ونشكو من امتلاء المحاكم بالقضايا والمخالفات ما ا لسبب في ذلك؟ ولم يكن هذا حال أسلافنا السابقين مع أن طبيبنا وطبيبهم واحد و روشتة الحياة أو روشتة الشفاءالرباني التي جاءتهم هي نفس الروشتة التي جاءتنا أو دعنا نقولها بلفظ أخر نبيناونبيهم واحد وإلهنا وإلههم واحد وكتابنا وكتابهم واحد وربما لم يكن عند بعضهم مصحف واحد بل كان اغلبهم لا يحفظون إلا بعض الآيات في الصدور وليس بينهم كتاب مسطور وليس عندهم إذاعات تذيع هذا النور ولا علماء ولا فضائيات فلماذا صرنا إلى ما نحن فيه؟ما الذي جعل حالنا يغاير حالهم وأحوالنا تخالف أحوالهم؟ إن هذا الأمر يا أخواني يتعلق بنظرنا ونظرهم إلى كتاب الله فنحن قد جعلنا كتاب الله كتاب تعبد بالقراءة فقط ونقول من يقرأ (ألم) وهو كلام حق وصدق فله بكل حرف عشر حسنات أهذا فقط المقصود من القرآن؟أقبلنا على كتاب الله نتلوه باللسان ونستمع إليه بالأذان ولكننا لا ننفذ ما فيه بالجسم والجوارح والأركان بل نحن الآن على سبيل المثال كلما مر علينا شهر رمضان قرأنا جميعا كتاب الله أو سمعناه ويصير بعضنا يتباهى على بعض بأنه ختمه ثلاث مرات أو خمس مرات أو عشر مرات كما يحدث بيننا في الأحاديث والمسامرات في المجتمعات جعلنا كتاب الله كتاب خاصا بالتعبد وشعائر العبادات فقط نفذنا ما أمرنا به من إقامة الصلاةوقد ننفذ ما طالبنا به من إيتاء الزكاة وننفذ ما أمرنا به من الصيام وننفذ ما أمرنا به من حج بيت الله وقد طبقنا بذلك الجانب النظري الذي أمر به الله عز وجل نحو كتابه العلى ولكننا أهملنا الجانب العملي التطبيقي:واكرر أهملنا الجانب العملي التطبيقي وأصبح الكل يعيش على حسب هواه ويمشى على حسب ما تأمره به نفسه وشهواته في هذه الحياة ونسينا قول الله تعالى(كتاب أنزلناه مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوالألباب) أما هم رضي الله عنهم فقد كان القرآن الكريم بحق كتاب الحياة لهم روشتةالحياة التي اتبعوها وحيوا بها وتمثلوا وتلبسوا بكل أحوالها ومعانيها وحتى نرى أين نحن من كتاب الله أين نحن من روشتة الحياة من صيدلية الشفاء الرباني دعونا نرى كيف كان أصحاب رسول الله يقرؤون القرآن إن الذي ينظر إلى أحوال النبي وصحبه المباركين وما كان لهم أو حولهم في دنياهم في حياتهم من رغد في العيش ومن هناءة البال ومن سعادة في القلب ومن علاقات كريمة ومن معاملات طيبة ومن أخلاق فاضلة جعلهم في طرفةعين يسودون العالم اجمع ويسيطرون على مقاليد الأمور وتصير لهم الهيمنة على جميع أمم الأرض بعد أن كانوا اشد الناس فقرا واعجز الناس قوة وعدة وعددا لكنهم في طرفة عين بلغوا إلى ما يريدون الذي ينظر إلى هذه الأحوال يتعجب اشد العجب ويرى أن هناك سرا وراء ذلك وليس سر ذلك بغريب فسر ذلك هو العمل بالقرآن فان سلفنا الصالح جعلواالقرآن كتابا حيا بينهم جعلوا القرآن كتاب حياتهم لا يتحركون إلا إذا استأذنواالقرآن إذا أراد احد عملا لنفسه أو لزوجه أو لابنه أو لمجتمعه رجع إلى القرآن فيقرأالقرآن المرة أو المرتين حتى تتضح له حقيقة حاله وسر قصده فان أذن القرآن سارع للعمل وان وجد القرآن ينهى عن ذلك العمل سارع إلى الترك وذلك لأنهم جعلوا القرآن دستورهم وإمامهم الذي يأمرهم بكل شأن في هذه الحياة لقد حكموا القرآن في كل أحوالهم فكان شرع الله هو السائد بينهم وهو الذي يتحكم في كل أمورهم ولذلك كانوا لا يحتاجونإلى دستور من الأرض أو موضوع من البشر يحكم بينهم