" من لم يذق طعم الغربة ، فاته طعم الحنظل "
قد تدفعنا الظروف على اختلاف أنواعها إلى أن نهجر الوطن منتشرين في أرض الله الواسعة ....
هنا تبدأ رحلة جديدة في عالم آخر ،في بادئ الأمر يغمرنا الفضول لاكتشاف الأرض الجديدة وللتعرف على أهلها و ثقافتها و عاداتها للتكيف مع هذا المحيط البيئي الجديد ... وبعد مرور فترة من الزمان، يبدأ الحنين بجذب الإنسان إلى أرض وطنه ، وكأن الوطن من النفس كموضع الماء و الهواء منها . وإذا حاولنا التغلب على هذا الشعور - الحنين إلى الوطن - فإن دينامكية الحياة اليومية تقر بأننا نفقد جزءاً رئيسياً من ذواتنا .
ماذا تقول في أم فقدت ابنها ؟ طبعاً بعد تسليم الأمر لله و الصبر على فقدانه ، و بعد مرور أعوام تظل هذه الأم تحمل حسرة في أعماقها على هذا الفراق ... كذلك المغترب عن وطنه ، مهما أخذته مشاغل الحياة اليومية يظل يحمل ذلك الشعور تجاه وطنه وأهله . و الأمرّ من ذلك كله أن يفقد هذا المغترب شخصاً عزيزاً على قلبه و وقد فاتته لحظة الوداع بسبب الأميال التي تفصل بينهما .
أما في فترات الأعياد ، فترانا في دار الغربة نستيقظ لنسابق خيوط الشمس الذهبية ، ولا تستغرب إن كنا نهرع إلى التلفاز لنحضر صلاة العيد في بلادنا ، فتنهمر العبرات تباعاً و يبدأ شريط الذكريات بالدوران أمام مرأى العين ، كيف كنا مع الأهل و الأخوة و الأحبة ... وكيف نحن الآن بعيدين عنهم ما لنا إلا ذكراهم الطيبة . هذه هي الغربة تسرق أعمارنا ، ذكرياتنا ..... و نبقى في شوق إلى أن يبلغنا الله لحظة قول أحدهم لنا :
" الحمد لله على السلامة .. وطنك يرحب بك " .